الأربعاء، 29 يوليو 2020

محور المقاومة والعصمة المفترضة

 هناك اشكال قد يطرأ في اذهان بعض ممن يؤمن بفكرة محور المقاومة سواء كان مؤمنا به في العراق فقط كالحشد الشعبي او في لبنان او في ايران او في اليمن او في سائر المواقع التي يكون فيها هذا التيار المقاوم والرافض للهيمنة والاستكبار العالمي تحت اي ظرف .. 
او انه يؤمن بكل هذه العناوين دفعة واحدة كونها تمثل فكرا واحدا مع اختلافاتها وخصوصياتها حسب موقعها الجغرافي والاجتماعي والسياسي ..
وملخص هذا الاشكال هو افتراض ان تتصف هذه الحركات المقاومة بالاستقامة والانضباط سياسيا وعسكريا  - كأشخاص ومؤسسات - وقد يصل هذا الافتراض في المثالية ان يكونوا مجموعة من المعصومين والعلماء الاتقياء بحيث ان صدر خطأ معين بتقصير او بقصور فهذا يخرجهم عن خطهم ويضعهم - في نظر صاحب الاشكال - بمساواة مع عدوهم الذي يفسد في كل مكان في الارض لايدين له بالولاء والعبودية ..
اي انه يساوي بين المظلوم المقاوم وبين الظالم المعتدي بسبب خطأ سياسي هنا .. وخطأ عسكري هناك ..
هذا التفكير وبهذه الطريقة يصيب الكثيرين منا ممن يؤمنون بمشروع المقاومة والذي هو نواة لنصرة المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف منذ يوم العاشر من المحرم مرورا بحركة زيد الشهيد رض ومقتل الالاف من الموالين في العصر الاموي والعباسي وما بعده لانهم يمثلون هذا المحور المقاوم الذي لا يداهن ولا يصافح الظالمين ..

حين يتصور المرء ان المنتمين لهذا المشروع هم ملائكة او انبياء او اولياء فهو يتناسى او يغفل عن حقيقة واضحة وهي انهم وإن كان فيهم الاولياء والصديقين ... ولكن هذا لا يعني انهم معصومون من الخطأ او الوقوع في الذنب وايضا لا يعني ان فيهم من ليس بـ ولي ولا صديق بل هو من عامة الناس العاديين ممن يعمل في هذا الخط ايمانا منه بأنه حق ..

و هذه الاخطاء التي انما تحدث لان اصحابها تحملوا عنا عناء الاخذ بزمام المقاومة فهل من اللازم ان نتناولها بالنصح والارشاد والتقويم ام بالتحقير والتسقيط والتأويلات والتفاسير التي تعتمد على نظرية العصمة المفترضة التي ذكرناها ..

من المؤكد ان الخطأ والتجاوز لا يرضي الله تعالى ولا يرضي المؤمنين ايضا .. 
وبالرغم من ذلك فمقابلة خطأ اهل الحق في بعض الامور والتدابير السياسية والعسكرية منها لا يعطي حقا لنا ان نعتبرهم في معسكر اهل الباطل الذين لايفرقون بين اهل الحق الذين أخطأوا وبيننا نحن جمهورهم .. ويعتبروننا كلنا في وصف واحد وخندق واحد من حيث العداء لنا وفرض خضوعنا لهم .

هنا سنكون امام خطأ كبير آخر .. صدر من بعض الجمهور وهو تفريق كلمتنا وتحجيم اثرنا 
وتأليب الاعلام ضد بعضنا  من حيث نعلم او لا ..

وبالطبع ان كلامنا هنا في افتراض الخطأ فعلا  ، اذ انه قد يكون كيل الاحكام والاتهامات ليس ازاء خطأ حقيقي .. بل ما يتصوره البعض خطأ بحسب فهمه الشخصي أو بحسب ما يتجرعه من سموم الاعلام المعادي  الذي يوجه تفكيره بطريق مدروس ومقصود .. 
لان الكثير من المواقف التي تتخذها القيادات الميدانية تكون لها اسباب وتفسيرات خاصة بها وبفهمها للامور لا يمكن للقائد ان يصارح الجمهور بها  أذ ان شرحه علانية يكون خطرا على مشروع المقاومة بأسره .. 

واضافة لذلك فإن الاعتراض والاستهجان بل والاتهام وقع من اتباع الامام المعصوم ضد المعصوم نفسه لأنهم ومع علمهم بعصمته الا انهم حين لم يفهموا مقصده وضللهم الاعلام المعادي يدخل احدهم على الامام الحسن ع بعد الهدنة مع معاوية ويقول بوجه الامام :(( السلام عليك يا مذل المؤمنين )) ...
هذا والامام معصوم .. فكيف بمن ليس كذلك..
 لو تخيلنا ان ماكنات اعلامية جبارة تعمل ليل نهار للنيل من خط المقاومة تحت ذرائع مختلفة واخبار مفبركة وغسيل للعقول بوضع الخطط الشيطانية لايقاف هذا المد الذي يمثل خطرا على عمل الشيطان واهل الباطل .

فهل نحن على استعداد ان نفهم الامور بفهمها المنطقي والعقلي ولا نكون خنجرا مسموما في ظهر ابنائنا واخواننا .. ونكون لهم نعم العون والناصر في البأساء والضراء او نكون مجرد ادوات يحركنا اعلام العدو كيف يشاء ويخدعنا بشعارات زائفة ليوقعنا في كمين التفرقة ومن ثم الضعف والانهيار !!






الجمعة، 17 يوليو 2020

رسالة السيد السيستاني الى الشيعة .. لم يقرأها أحد

رسالة السيد السيستاني الى الشيعة .. لم يقرأها أحد 

"""""""""""""""""""""""""""""""""""""

لم يشهد الاعلام ومنذ بزوغ مرجعية المرجع الاعلى اية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله عام 1993 اي رسائل او اتصالات علنية مباشرة بين مرجعية النجف وبين النظام في ايران رغم المشتركات الدينية الكثيرة بين الطرفين ..
كون ان النظام في ايران يمثل قيادة سياسية ذات اراء معينة وان كانت نابعة من اساس ديني ( ولاية الفقية ) والتي تختلف مع مدرسة مرجعية النجف التي لا تقول بالولاية غالبا .
ولذلك فقد كان لدى العامة من الشيعة ضبابا حول الموقف الحقيقي لمرجعية النجف من نظام ولاية الفقيه في ايران فضلا عن شخوص النظام ومرشده الاعلى ..
فكثرت الاقاويل والتحليلات بهذا الخصوص .. وحيث ان بيان هكذا رأي او موقف من مرجعية النجف لم يكن في محله ولا ضرورة له لسنين طويله .. حتى دخلت داعش العراق واحتلت اجزاء كبيرة منه ..

وكان موقف ايران موقفا مناصرا للنظام في بغداد بدعم العراق بالسلاح والعتاد والقيادات العسكرية المدربة لقتال داعش ..
كان ذلك الدعم الايراني بعد صدور فتوى الجهاد الكفائي من مرجعية النجف ..
فمرجعية ايران رغم اختلافها مع مرجعية النجف سياسيا الا ان هذا لم يمنع من مناصرة الفتوى المقدسة ودعم الجيش والحشد لان العدو التكفيري ومن وراءه لا يفرق بين شيعة ايران او شيعة العراق او شيعة افريقيا فهو يعتبر الجميع كفار دمهم مباح ..

 وبعد ان وضعت الحرب اوزارها وانتصر العراقيين بمساعدة اصدقائهم على المد التكفيري الداعشي وتم تحرير الاراضي المحتلة ..
لم ينس صناع داعش هذا الموقف العراقي الايراني الذي افشل مخططاتهم التي صرفوا عليها المليارات والتدريب والتسليح والتخطيط باعتراف ادارة ترامب .
وحين تجرأ العدو للنيل من قادة النصر المؤزر وتم اغتيال الشهيدين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس على يد طائرة امريكية مسيرة في 3-1-2020  وامتزجت دماء واشلاء القادة العراقيين والايرانيين معا في رحلة الشهادة ....
ارسل اية الله العظمى السيد السيستاني رسالة بخط يده الشريفة وباللغة الفارسية الى قائد الثورة الاسلامية في ايران السيد علي خامنئي وتم نشرها في الاعلام وترجمتها .. في سابقة لم تحدث ان ارسل مرجع النجف برسالة الى مرشد ايران ..
وهذا نص الرسالة باللغة العربية 

بسم الله الرحمن الرحيم

‏سماحة المستطاب آية الله السيد علي الخامنئي دامت بركاته 

‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. 

‏لقد آلمنا كثيراً خبر استشهاد اللواء العظيم الحاج قاسم سليماني رحمة الله عليه. ‏أن الدور الفريد للمرحوم في سنوات الحرب مع عناصر داعش في العراق ‏والأتعاب الكثيرة التي تحملها في هذا المجال لا يمكن أن تنسى. ‏إنني أقدم التعازي بمناسبة فقدان هذا الشهيد العزيز إلى جنابكم وإلى أولاده المكرمين وعائلته المحترمين وجميع الشعب الإيراني الشريف وعلى الخصوص أهالي كرمان الأعزاء وادعوا الله المنان أن يعلي درجات الفقيد ويمن على ذويه بالصبر الجميل والأجر الجزيل. 

‏ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

 السيد علي الحسيني السيستاني ٨ جمادي الاول ١٤٤١

وهذه الرسالة وان كانت في ظاهرها موجهة الى شخص السيد علي الخامنائي الا انها في الحقيقة رسالة الى كل شيعة العالم من اكبر مرجع شيعي في العالم ولكن للأسف لم يولها الاعلام الاهمية المطلوبة ولم ينتبه اليها الشيعة ولم يقرأوها قراءة وعي وتفكر ..

فلو لاحظنا ان ارسال الرسالة واذاعتها للاعلام ليس بشيء 
معتاد ولا مألوف من قبل السيد السيستاني ابدا .. فأين نحن من مضامينها ..
اول مضمون عميق هو نشر رسالة التعزية الى السيد الخامنائي على وسائل الاعلام .. فمهما كان هناك من خلاف علمي او فقهي او حتى سياسي كما ذكرنا في بداية هذا المقال فأن اواصر الدين والعقيدة اقوى واكثر ثباتا من اي خلاف اخر .. فحزننا واحد وفرحنا واحد وموتنا واحد وحياتنا واحدة  بل وحتى عدونا واحد ومصيرنا واحد ..

بدأ المرجع الاعلى خطابه بالسلام على السيد المستطاب كما وصفه تحديدا .. وفي هذا بيان للاحترام والطيب الذي يتسم به السيد المرشد الاعلى للثورة الاسلامية ..
ثم يعبر السيد المرجع عن عمق المه لفقدان الشهيد قاسم سليماني ذاكرا ومعظما دوره في جهاد اعداء العراق وواصفا اياه بالشهيد العزيز ..
السيد المرجع مرجعكم يا شيعة العراق يصف قاسم سليماني بأنه شهيد وعزيز .. فهل انتم متوقفون ومتأملون لهذا الكلام ؟؟؟
بهذه الكلمات يتضح ان السيد المرجع كان واضحا ومحددا بدقة عالية الدور الايجابي للفقيد سليماني ولمن ارسله بمهامه الكبيرة في العراق وهو السيد الخامنئي ..
فهل سيكف الجهلاء عن تسمية من يذكر  ايران بخير او يعترف بفضلهم وجهادهم مع اخوتهم العراقيين بأنه " ذيل "..؟؟
فالمرجع الاعلى لايهمه اوصاف الجهلة والمطبلين للعدو .. فقول الحق لم ولن يفارق هذا الرجل ابدا ..
ان هذه الرسالة التي يشع نورها الى كل شيعي وخلص فعلا بالقلب لا باللسان ..
هي اول رد من المرجع الاعلى لشيعة ال البيت ع على قصف المطار وقتل الشهيدين السعيدين الحاج قاسم سليماني والحاج ابو مهدي المهندس ..
بأنه اعلان لكل شيعة العالم بان الذين قتلوا شهداء مجاهدين مظلومين وان قاتلهم مجرم ظالم عدو لنا جميعا .. 
كونوا واعين للحيل والدهاء ولا تكونوا متفرقين سماعين لأعلام العدو الصهيوامريكي ولا يخدعكم بمعسول كلامه فهو افعى تريد ان تقتلكم جميعا اذا ما دبت الفرقة بينكم .
هذا الاعلان ... للأسف لم يقرأه غالبية الشيعة قراءة واعية صحيحة ..
واخذت تعصف بهم الفتن .. ويطبلون لفلان وفلان .. من جنود الاعداء القتلة ..
بعد هذا البيان وتلك السطور اتمنى ان يكون القاريء الكريم قد وعي الامر بشكل واضح .. فالغربال مستمر .. وسيسقط منه من يخدع ومن تأخذ عنصريته وجهله بعيدا عن مسار الحق ولايهم القضية من يسقط في امتحان الوعي انما هو بلاغ وتذكير فقط .

احمد المالكي 
الجمعة 17/7/2020